رمضان ثورة للقيم وانتفاضة لروح وايجابية
كتبهامدوّنة رمضان ، في 25 أغسطس 2011 الساعة: 10:47 ص
كما الثوراتُ قد حرَّكتِ المستنقعات الراكدة في البلادِ العربية، فكذلك يفْعَل رمضان في الرُّوح: ينزل عليها كالماء العذْب الزُّلال فتنتفض مِن ركودها، وتجدِّد الاتصال بمَن به تستعيد بريقَها ولياقتها وأُنسها، تمامًا كالآلة التي صَدِئتْ مِن الإهمال، فإذا ما أُعيد تشغيلُها استعادتْ عافيتها ومعها دورها اللائِق بها، وكما الأرْض الجافَّة العطْشَى الهامدة التي تهتزُّ وتربو، وتنبت النبات الحسنَ عندما يلامِس الغيث صفحةَ وجودها؛
الإنسان عندَما قام بثورة الماديات، وتعمَّد إخماد حضور الرُّوح في خطَّة حياته، لم يدُر في خَلَده أنَّه بذلك يقضي على مقوِّمات هذه الحياة، وعلى صلاحية وجودِه في هذا الكون.
لذا بعد تفوقنا فى ثورة الماديات نحن بحاجة الى ثورة الروح
القِيم التي تضبط السلوكَ الإنساني، وتحقِّق للإنسان التوافُقَ النَّفْسي والاجتماعِي، وتُسهِم في توحيدِ أفراد المجتمع على أساسها، قد فُرِّغت مِن مضامينها وأصبحتْ شعارات ليس لها نصيبٌ مِن التطبيق، الأمر الذي تطلَّب إحداثَ ثورة تقلب الأوضاع القائمة، وتُعدِّل ما انحرف مِن تصورات خاطئة، وتُعيد الأمور إلى نصابها
لقد أحْدث إنسانُ العصر الحديث ثورةً في المعلومات والاتِّصالات، وكاد يبلغ القِمَّة في الابتكارات التي نقلتِ البشرية نُقلةً نوعية في سُلَّم الحضارة، فأصبحتِ الحياة أكثر يُسرًا وسهولة، وبفِعل التقنية الحديثة خَبَر الإنسان مختلف أنواع المُتع "المادية"، وكان كلَّما أخذ منها أغْراه بريقُها بطلب المزيد، ورغم كلِّ ذلك لم يحصُل على السعادة التي يُريد، ولم يمَلَّ من ترداد السؤال نفْسه: أين أجد السعادة؟!
وبعد، فإنَّ على مَن ثارت قِيَمُه وانتفضتْ رُوحه مهمَّةً عظيمة تتمثَّل في مدَى قابليته للاحتفاظ بمكتسبات هذه الثورة، وتلك الانتفاضة لتنعكس على نمط سلوكِه طيلةَ العام، وهذا دونه جهودٌ فردية وجماعيَّة معها وعليها (يدُ الله)؛ تتمثَّل على الصَّعيد الفَرْدي في المداومة على ذِكْر الله بمختلف صُوره: ((أحبُّ العمل إلى الله أَدوَمُه وإنْ قَلَّ)
وعلى الصَّعيد الجماعي تتجلَّى في توفير المحاضِن التربويَّة واللقاءات الإيمانيَّة التي تُبقي سراجَ الرُّوح منيرًا، ومؤشِّر القِيَم في تصاعُد مستمر،